الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

{ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}



  من الآفات الخفية العامة أن يكون العبد في نعمة أنعم الله بها عليه واختارها له, فيملها العبد ويطلب الانتقال منها الى ما يزعم لجهله أنه خير له منها, وربه برحمته لا يخرجه من تلك النعمة, ويعذره بجهله وسوء اختياره لنفسه, حتى اذا ضاق ذرعا بتلك النعمة وسخطها وتبرّم بها واستحكم ملله لها سلبه الله ايّاها. فاذا انتقل الى ما طلبه ورأى التفاوت بين ما كان فيه وصار اليه, اشتد قلقه وندمه وطلب العودة الى ما كان فيه, فاذا أراد الله بعبده خيرا ورشدا أشهده أن ما هو فيه نعمة من نعمه عليه ورضاه به, وأوزعه شكره عليه, فاذا حدثته نفسه بالانتقال عنه, استخار ربه استخارة جاهل بمصلحته عاجز عنها, مفوض الى الله طالب منه حسن اختياره له.

  وليس على العبد أضر من ملله لنعم الله, فانه لا يراها نعمة, ولا يشكره عليها, ولا يفرح بها, بل يسخطها, ويشكو ويعدّها مصيبة. هذا وهي من أعظم نعم الله عليه, فأكثر الناس أعداء نعم الله عليهم, ولا يشعرون بفتح الله عليهم نعمه, وهم مجتهدون في دفعها وردها جهلا وظلما. فكم سعت الى أحدهم من نعمة, وهو ساع في ردها بجهده, وكم وصلت اليه وهو ساع في دفعها وزوالها بظلمه وجهله, قال تعالى:{ ذلك بأن الله لم يك مغيّرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}الأنفال 53, وقال تعالى:{ ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم} الرعد11.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق